تنطوي العادات والتقاليد التي تزخر بها الطقوس الاحتفالية بمختلف مناسبات وأفراح الصحراويين،على غنى ثقافي وحضاري يعكس ما تزخر به حياتهم الاجتماعية من خصوصية شديدة العمق والانتماء لبيئتهم وجذورهم الحضارية والثقافية المغربية. وتجسد طقوس حفلات الزواج والطلاق، والعادات الغذائية وفنون المطبخ الصحراوي، دليلا ملموسا على تمسك الصحراويين وتشبثهم بعاداتهم وأعرافهم التي تشكل ملمحا خاصا في تراثهم وهويتهم الصحراوية المغربية. فهم يحافظون عليها ويصونونها من التلف أو النسيان، باعتبارها عصارة تجارب وخبرات السلف المتوارثة عبر الأجيال، بالتمسك بها بشكل يثير الإعجاب. إذ يحرص الصحراويون خلال مناسباتهم المهمة العامة منها والخاصة، على ارتداء زيهم التقليدي، بحيث ترتدي المرأة "الملحفة" كزي خاص بالنساء، ويرتدي الرجل "الدّراعة" كزي خاص بالرجال.
تعتبر صلات القرابة مقدسة في المجتمع الصحراوي. وتلعب العلاقات القبلية أدوارا حاسمة في إقامة الروابط الاجتماعية لدى الصحراويين؛ إذ يحتل فيها الأهل وشيوخ القبيلة وكبار السن أعلى درجات السلم. كما أن للأهل الكلمة الفاصلة في مسألة قبول أو رفض العريس المتقدم لخطبة بناتهم. كما أنه لكل من عائلة العريس والعروس أدوار أساسية محددة يلتزمون بها أثناء مراسيم حفلات الزواج والخطوبة وعقد القران.
وتتميز طقوس حفل الزواج في الأقاليم الصحراوية بتفاصيل خاصة. فبينما كانت في الأصل تقام على امتداد سبعة أيام متتالية، فإنه نظرا لتدخل عوامل تتعلق بما هو مادي وعوامل أخرى فرضتها متطلبات الحياة بالمدينة، فإنها أصبحت تقتصر على مدة زمنية لا تتجاوز الثلاثة أيام.
اليوم الأول، ويخصص لمراسيم المهر، ويسمى عند الصحراويين يوم "الدفوع"، يُحْضِر فيه العريس صحبة أهله الهدايا ليقدمها لعروسه. وغالبا ما يتكون "الدفوع" من رؤوس الماشية، الحناء، السكر، القرنفل، المجوهرات، أقمشة الملاحف، حقائب اليد، أنواع مختلفة من البخور والعطور، وبعض المفروشات كالزّرابي وغيرها. وتجدر الإشارة إلى أن كمية وأنواع هذه الهدايا تختلف حسب الإمكانات المادية للعريس والطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها.
ولا تكتمل فصول الاحتفال بالزواج، إلا بتقديم العريس المهر، أي "الصداق" إلى شريكة حياته المستقبلية، والذي قد يصل مبلغه في بعض الأحيان إلى 10 ملايين سنتيم. ونظرا للأهمية التي توليها العائلات الصحراوية لحفل المهر، فقد يغدق العريس على خطيبته بالهدايا، تعبيرا منه على كرمه وكرم قبيلته وتصميمه على نيل رضى عائلة زوجته المستقبلية.
اليوم الثاني، وهو يوم الزفاف، وتقيمه عائلة العروس. بحيث يتم نصب خيمة تسمى "خيمة الرك"، تجهز لهذا الغرض يتم فيها تقديم أطباق المأكولات وصواني الشاي. كما يتم تحضير العطور الزكية لرشها على المدعوين والضيوف الحاضرين كرمز للترحيب والكرم وحسن الضيافة.
قبل ذلك، تتكلف سيدة متمرسة تسمى "المعلمة"، بتزيين العروس بالحناء وتسريح شعرها، ومساعدتها على ارتداء الأزياء التقليدية الخاصة بهذه المناسبة. ولا تخلو هذه الاحتفالات من طقوس مثيرة. ففي الليلة الثانية من مراسيم حفل الزفاف، ترتب صديقات العروس مكيدة طريفة، تسمى "الترواغ"؛ إذ يقمن باستغلال انشغال أهل العريس بالترتيبات الخاصة بهذه المناسبة، ليسارعن في غفلة منهم إلى إخفاء العروس. وهو ما سيتطلب من العريس البحث عن عروسه حتى يجدها، تعبيرا منه عن شوقه وتقديره لها.
أما اليوم الثالث وهي الليلة الأخيرة، فتسمى "أحشلاف" أي النهاية، وفيها تبيت العروس إلى جانب زوجها. والجدير بالإشارة هنا، إلى أن الثقافة الصحراوية تستهجن التعدد. على الرغم من أن الشريعة قد أجازته؛ إذ أن الصحراويين عادة ما يضعون في عقود الزواج شرط "لا سابقة ولا لاحقة"
لا يعد طلاق المرأة عند بعض القبائل الصحراوية أمرا سيئا، بل بداية جديدة وفرصة لحياة متجددة وأكثر إشراقا. إذ تستقبل المرأة عند عودتها لبيت أهلها بطقوس احتفالية، ينحرون فيها الإبل، دعما وتشجيعا منهم لها، وتعبيرا عن التقدير الذي تحظى به في أسرتها ومحيطها الاجتماعي.
يحظى الشاي بمكانة خاصة في المغرب، حيث أن لكل منطقة طريقتها الخاصة في إعداده وتقديمه, ويمثل الشاي الصحراوي رمزا للسخاء والكرم وحسن الضيافة. وكغيرهم من المغاربة يقدم الصحراويون هذا المشروب للضيوف عادة في بداية جلساتهم كعربون مودة وترحيب، قبل الشروع في تقديم وجبات الطعام المتنوعة.